التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل نحن بخير؟

هل نحن بخير

هل نحن بخير

 السؤال الدائم والأساسي في حياتنا:

كيف حالك ؟ هل أنت بخير ؟

هذا السؤال نسأله كثيراً لغيرنا و يسألنا كل من يرانا نفس السؤال ، وربما نسأله لأنفسنا مراراً وتكراراً هل نحن بخير ؟

و تكون الإجابة دائماً مختصرة ..الحمدلله أنا بخير ، ونمضي 

ولكن البعض لا تعجبه الإجابة ، هو يريد تفصيلاً أعمق عن حالك ، ربما لم يقتنع أنك فعلاً بخير ، وعندها سوف يتفنن بتغيير نمط السؤال ليحصل منك على تفاصيل تشرح له حالك الحقيقي الذي إجابتك المختصرة لم تقنع من خلالها السائل . 

ما السبب وراء الإصرار على معرفة كيف حالك ..ولماذا البعض لايقتنعون أنك بخير ويريدون معرفة المزيد ؟


السبب :

أن البعض ممن نحبهم ويحبوننا يمنعه شيءٌ ما داخله أن يطمئن كل الاطمئنان لتلك الإجابة القصيرة المباشرة " نعم أنا بخير " ، شيءٌ ما خفيٌّ داخله يحدثه أن محدّثه ليس على ما يرام ، ربما المجيب يكون بخيرٍ جزئيّ يرضاه ، لكنه لا يُرضي طموح السائل ، فيلحُّ بالسؤال كثيرا ، ويُبدع في تغيير نمط إلقاء الأسئلة مستخدما كل الحيل المتاحة حتى يطمئن تماما إلى حال من يسأله .

الأرواح و المشاعر لا تعرف القيود ، وبالرغم من تطور الانسان بكل المجالات و اخترع كل الاختراعات وجال وصال في كل الطرقات بل وتكبر وتجبر وظلم واستبد عندما مكنته نفسه من أن يسجن كل شيء طالته يده ؛ لكنه ظل وسيظل - بفضل الله - عاجزا عن سجن الروح ، عن سلبها أعز ما وهبها الله لها " الإحساس " .


نعود للسؤال : هل نحن بخير ؟؟ 

إن كان الغرض من السؤال هو الخير " المطلق " فهذا محال فلا تكلف نفسك فوق طاقتها ، لا ، كلا وألف كلا ، لن يحدث أن ينال الإنسانُ خيرا كاملا ، ولا خيرا دائما ، لكن هناك من يستعيضُ - وبجدارة - عن أعظم ما يتقاتل عليه الشريحة الأعظم من الناس من مال وسلطانٍ وجاهٍ ومُلك بأشياء هي الأعظم والأسمى .

هناك من إن أشعرته بإنسانيته أشعرته بأن الكون كله ملك يمينه ، هناك من تأسره البسمة والقبلة والحضن الدافىء والكلمة الطيبة .

مفهوم الخير الذي نريد أن نكونه واسع جداً نحن من ضيقنا مفهومه بعد أن صعبنا حياتناوحرفناها وضيقناها وسجنا أرواحنا في مساحاتٍ ضيقة ، وربطنا " الخير " بروابط هشة كاذبة خادعة زائلة لا قيمة لها أبدا مهما امتلكنا إن لم تكن عقولنا وقلوبنا واعية مستنيرة مثقفة بثقافة " الحياة " وليس ثقافة الأرقام والحسابات .

لن تجد ابنك كاملا ، لن تجد زوجتك على ما رسمت وخططت مهما كان ذكاؤك وتبصرك وتروّيك في اختيارك قبل الزواج ، لن تجدي زوجك أو حبيبك البدر الساطع والشمس المشرقة على الدوام ، تعالوا لننظر بعيون المحبين المتسامين عن أي نقص ، فنغيره ونعدله ونغطيه ونكمل الناقص فيه ، ونمدح أعزاءنا ونتجاوز معهم نواقصهم ونغفر لهم ما لم يُمنحوه من رب العالمين ، دعونا نحتسب كل نقص في حياتنا ، ثم والله والله والله لن نصدق أعيننا ولن نستطيع ملاحقة العِوَض من رب العالمين .

" ازرع المعروف في أهله وغير أهله ؛ فإن صادف أهله فهو أهله ، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله ".

لو فهمنا ذلك ودربنا أنفسنا ومرناها على هذا المبدأ - وبالذات في المراحل الأولى من أعمارنا - فستنطلق أرواحنا إلى مناطق رحبة من الهدوء النفسي والاستقرار الروحاني بسمو وجمال لا مثيل له .

ومن أجل أن نفعل ذلك ونتسامى من أجلهم ومعهم أكثر وأولى ممن هم داخل " دوائرة حياتنا " القريبة كالأزواج والابناء والإخوة و " العشاق والمحبين " ؟؟!!!! 

عندها فقط سنكون " بخير " .


جعل الله حالكم دائماً بخير ... 

تعليقات

  1. الله عليكى بجد ، أرى هذا المقال تربوى اكثر منه أدبى ، لقد طرحتى السؤال ببساطه ، وغمرتينى وغمرتى كل قارىء بوابل أجابه يتماشى مع كل فئه عمريه .. لايوجد مايضاهى وضوح كلماتك سيدة بل ملكه رغده .. دام غيثك المثمر 🌹

    ردحذف
    الردود
    1. كل التحية لك ولشخصك الكريم ولكلماتك الرائعة .. أشكر حضورك

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تسمو بروحك إلى العلياء

كيف تسمو بروحك إلى العلياء لكي تسمو بروحك للعلياء عليك أن تعلم أين تجد نفسك .... أجد نفسي في مواطن بسيطة وكثيرة ، لكنها شبيهة بي ، فيها شيء مني ومن روحي ..  أجدها عندما أسير تحت المطر وأستنشق رائحة التراب التي هي عندي أجمل من عطور الدنيا ، وهذا المطر يغسل روحي ويسمو بها ويسقي عروقي كما يسقي عروق الأرض ... أجدها عندما أتأمل بذوغ الفجر وعناق خيوط الشمس مع خيوط الظلام حتى تتلاشى وتذوب به... أجدها عندما أصغي بالليل للنجوم وهي تحاكي هموم البشر ..... أجدها عندما أستمع لعزف النسيم وهو يداعب أوراق الشجر ويمتزج بصوت تغريد الطيور في أعظم سيمفونية تعزفها الطبيعة بألحان ربانية ... أجدها عندما اتلمس الجمال اللامتناهي في جميع خلق الله وآياته الكونية ... مروري بمحاذاة شجرة مورقة مخضرة يغريني جداً ، يستهويني جمالها و وقوفها في شموخ واعتداد ، فأستمد منها كل القوة وأغدو أكثر صلابة واتزان .. جدد عزيمتك لتظل شامخاً ..    كذلك تستهويني لفتة شاب يافع وهو يأخذ بيد عجوز ثم يفسح له المكان ليجلس أو يحمل عنه أغراضه ، ويظل يرقبه مستلذاً طعم الفضيلة .. كم نحن بحاجتها .  أجدها في المكان الذي ألف...

أسرار طاقة الجذب : رسم حياتنا من طريقة تفكيرنا

أسرار طاقة الجذب : رسم حياتنا من طريقة تفكيرنا : كل انسان منا يرغب بالنجاح والتميز والسعادة والغنى والمال والمنصب ويحلم بأشياء كثيرة في حياته ، وبنفس الوقت يخاف من المجهول ومن مصائب الدهر ومماتخفيه له الأيام..  والسؤال هنا : هل يجب إطلاق العنان لأفكارنا ونجعلها تسيطر علينا ، أم حتى أفكارنا وإحساسنا يجب السيطرة عليها ووضعها ضمن دائرة محكمة لنتولى قيادتها . في الحقيقة أن هذا الموضوع مهم جداً وهو الأمر الذي يرسم لنا حياتنا بالكامل ، فنحن دائماً نتاج أفكارنا وأحلامنا .. وهذا بالظبط مايسمى بقانون الجذب الذي كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة ، ولأهمية هذا الموضوع أردت التبحر فيه وبتفاصيله من المنظور العام ومن المنظور الإسلامي . تعريف قانون الجذب: قانون الجذب هو واحد من أسرار الحياة التي يدركها عددٌ قليلٌ جداً من الناس، ويمكن القول أنّ قانون الجذب يُعبّر عن عمل الإنسان كمغناطيس يجذب كل ما يريد ويفكّر به نحوه؛ حيثُ يسترسل في أفكاره وعواطفه ليجذب ما يفكر به، والجدير بالذكر أنّه من السهل على الفرد أن يترك أفكاره وعواطفه دون رقابة؛ إلّا أنّ ذلك من شأنه أن يولّد الكثير من الأفكار الخاطئة والمشا...