رصيد الصبر : هل ينفذ الصبر أم رصيده ليس له حدود ؟
أستيقظت كعادتها على صوت أذان الفجر ، ولكن هذا الصباح كان مختلفاً كان شتوياً بامتياز ، كان الجو شديد البرودة وصوت الأمطار الغزيرة التي ترتطم بالنوافذ تشرح وتصف الحال بالخارج، والريح تعصف و تحرك كل شيء يعترض طريقها وصوتها القوي يبدد سكون الفجر المعتاد
نهضت من فراشها الدافئ لتصلي الفجر وتمارس طقوسها اليومية ، ولكنها شعرت بكسل غريب جعلها بعد الصلاة تصنع فنجان قهوتها وتعود لفراشها كما تعود الطيور لأعشاشها لتنعم بالدفء وتستمتع بالقهوة
شعرت بالحرارة تتسلل إلى أوصالها رويداً رويداً والبخار الذي يتصاعد من الفنجان والممتزج برائحة البن أنعش روحها وذاكرتها و أثار شجونها .وبدأت الأفكار تتزاحم في رأسها وكأن كل مااختزنته وكتمته في وجدانها أراد أن يخرج ويتصاعد كالبخار الذي يتصاعد من الفنحان.
إلى متى يجب على الانسان أن يصبر على أذى من يحبهم ،
أليس للصبر رصيد ويأتي يوم وينتهي .أم إننا ندفع ضريبة حبهم بعذاب وألم لا ينتهي ، وهل يسمى هذا صبراً أم يتحول الأمر إلى ابتزاز عاطفي ، فعلينا أن نتحمل ونتحمل كي لانخسر من نحبهم ، ألسنا نستهلك من أجسادنا وصحتنا وأرواحنا في كل مرة نتنازل، ونمتص الألم و ونسكت ونصبر ، نحاول أن نضمد كل جرح وكل خدش يصيبنا ، نداويه بصمت ، ثم نخرج ونرسم الابتسامة على وجوهنا المتعبة و نتصنع السعادة التي تفضح كذب ادعائنا لها نظرات عيوننا التي تعكس مانكتمه من ألم في قلوبنا وأرواحنا
كانت مستغرقة في التفكير وترتشف من فنجان القهوة ، لقد شعرت بمرارة غريبة بقهوة اليوم ، رغم أنها كل يوم تشربها دون سكر ، ولكن اليوم كانت القهوة أشد مراراً.
تعجبت لذلك ، وشعرت وكأنما مرار الصبر الذي كانت تحدث نفسها عنه قد انحل جميعه في فنجان قهوتها
لم تستطع أن تكمل فنجان القهوة ، فصوت الريح والأمطار التي كانت تعصف بالخارج كانت تعصف بداخلها وحركت عندها ثورة عنيفة من الرفض لكل هذا الواقع والبدء بتغيير مفهومها للصبر .
قررت اعتباراً من هذا اليوم أن تتخذ منهجاًً جديداً تسير عليه وتجعله عنواناً لحياتها ..
مهما كنت أحب الاشخاص المحيطين بي ولكن لن أحبهم أكثر من نفسي ، ولن يكون حبهم لي ومحبتي لهم سبباً في شقائي بل الحب والعلاقات الاجتماعية وجدت لتجلب لنا السعادة والراحة بكل أنواعها ، لن تكون علاقتي بمن حولي بعد هذا اليوم استنزاف لطاقتي ومشاعري دون مقابل و دون تقدير لما أعطي .
فالحياة قصيرة وسعادتنا مرهونة بتقدير ذاتنا أولاً وكف الأذى عن أنفسنا من كل شيء .
العطاء جميل إذا وجد التقدير وكان متبادل ، والحب جميل وأسمى مافي الوجود ولكن يجب أن يكون مصدراً للسعادة والراحة وليس مصدراً للألم والأوجاع.
بهذه الكلمات كانت تحدث نفسها، وقررت وبعزيمة أن تغير طريقة تفكيرها وتعاملها مع المحيطين بها، قررت أن يكون لصبرها رصيد محدد ، وعندما ينفذ فلن يكون أحداً مهما كان عزيزاً أعز عليها من نفسها .
رااائعة جزاك الله خيرا وبارك فيك
ردحذفأشكر حضورك
حذفهى اتخذت القرار الصائب ، دام رقى طرحك سيدتى
ردحذف