التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سكون الليل وحكاياته : ثورة الأفكار

سكون الليل وحكاياته :  ثورة الأفكار

سكون الليل وحكاياته: ثورة الأفكار

الساعة الثالثة فجراً .شيء ما أيقظني من نومي العميق .ربما شدة السكون هي من أيقظتني ..الكل غارق في سبات عميق .كل شيء هادىء .حتى محركات سحب الماء في البناء متوقفة .وهذا مايعطي إشارة بأن الحياة كلها في استراحة النوم .هذا السكون الغريب المطبق يجعل ثورة الأفكار والضجيج الداخلي لدي تثور كالبركان ..في هذه اللحظات عشرات الأفكار تراودني معاً وبنفس الوقت ..حاولت قطع تلك الأفكار بالنظر قليلاً من النافذة ..

الحكايا والأسرار وراء النوافذ:


أضواء خافتة تخرج من النوافذ الكثيرة جداً المحيطة بنا .
إلا بضعة نوافذ كانت فيها أنوار مضاءة ..ربما كانت لأم أيقظها طفلها.أو ربما لطالب يدرس للامتحان .أو لمتعبد يصلي ويدعي في جوف الليل..

نوافذ كثيرة .كالنجوم في المجرات .شعرت بأن وراء كل نافذة قصص وهموم مختلفة .وهذا الليل يروي حكاياتهم التي لاتنتهي...الليل صديقهم الذي يمتص آلامهم .ويحضنهم ويمسح دموعهم ..

عدة دقائق وأنا أتأمل الحي الخالي من المارة .إلا من قطة تتجول بين السيارات المركونة بجانب الرصيف تبحث عن طعام وفتات تقتات به .أسمع نواءها الذي يبدد هذا السكون الجميل والذي يرتد صداه في أرجاء المكان 

وبنظرة خاطفة إلى السماء التي أكلت نصفها الأبنية الأسمنتية الشاهقة والتي حجبت عن ناظرنا جمال الأفق الممتد 
كانت النجوم تتلألأ كحبات ألماس على ثوبٍ أسود لشابةٍ فاتنةٍ 
والقمر يطل من بعيد كحارس عليها ..لقد بدا لي القمر وكأنه يحرس كل من نام لينعم بالهدوء...والضوء الصادر منه يمتزج بضوء أعمدة الشارع الممتدة على طوله من الجهتين..

نسمات عليلة تحرك اوراق الشجر المزروعة على الرصيف..تلك الأشجار التي تعاند وتجابه زحف الاسمنت على الطبيعة لتذكرنا بالبساط الأخضر الذي أعدمه الانسان باستهتاره.
وكانت تلك النسمات تحرك قطع الملابس المعلقة على الشرفات .وكأن هذة النسمات هي الشيء الوحيد المستيقظ في هذا الوقت .كأنها دورية تحافظ على أمن وسلامة كل من استسلم لنومه العميق...

هي لحظات جميلة من التجلي والروحانية والنزول الالهي .هو الوقت الذي أختلي به مع خالقي لأحدثه عن كل شيء .أحمده على نعمه واشكو إليه همي وأطلب منه حاجتي ..
الكل نائم .إلا ربي ..يسمعني ويسمعني الى مالانهاية .ابوح له بكل شيء وأنا واثقة بقدرته على فهمي ومساعدتي وإعطائي كل ماأطلبه ...

وفي الختام نسيت أن أخبركم بأن هذا حالي كل ليلة ...

تعليقات

  1. احييك جدا والله وصف ولا اروع لحالة جميلة وخاصة من حالات التأمل والتعمق في سحر هدوء الليل ومن خلفه طبع الحياة وطبعتها... موفقه ان شاءالله

    ردحذف
  2. الله عليكى يا ملكة الاحساس الراقى والصادق ، واخبرك ان هذا ليس حالك وحدك بل حال كل من عشق الليل وسكونه وأحسن أستقباله وأستغلاله .. فأنا ذات ليلة راقت لى نجمة طالما حلمت بلمسها .. رفعت يدى أحاول الوصول لها وأنا ابتسم بصبر ، و أنا لا زلت كما أعهد نفسى مثابر ويكافئنى الله جزاء صبرى المغلف بثقتى فيه عز وجل .. وعلى حين غرة خارت قواى رغما عنى و أصبحت أطيح بيدى بضعف جعل دموعى تتحجر فى مقلتى فى إباء رافض التحرر ، وفجأة ظهرت لى نجمة بهية لا أجد كلمات تصفها فـ هى الرقيقة ذات الضوء الخافت المتناغم مع سكون الليل و ضجيج نفسى
    مدت لى يدها تصافحنى .. فإذا بى أفعل بلا تردد ومدت الأخرى فوجدت نفسى أطير ، ومن ثم خذتنى عاليا عاليا إلى جوارها .. جلست ساكنا فى مكانى و هى تدور حولى و تسترق النظر إلى عيناى كلما أمكن .. فذهبت هي و أحضرت لى النجمة تلك و مئات بل آلاف غيرها .. لم أطل النظر بإحداهن سوى ثوان و آثرت النظر إليها و هى تهدينى نجوما لا حصر لها فى لهفة و بكل نجمة كانت تمنحنى حياة و أمان .. و كأنها خلقت فقط كى ترضينى .. ف أطمأنت إلى أنى لن أغادر مكانى هذا و قالت بلهجة حانية آمره .. من الآن فصاعدا سيكون هذا بيتك ثم جلست بعدها متأنقة فى مكانها و فى قلبى أيضا ، هذه هى احوالنا مع الليل وسكونه ، ورسم ملامح احتفالنا به كما نهوى نحن .. دام رقى ماتطرحينه أيتها المبدعه 🌹🌹🌹🌹

    ردحذف
    الردود
    1. الشكر الدائم لك ولحضورك المميز والذي دائما يغني ويرتقي بما أكتبه .. تحياتي لك

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تسمو بروحك إلى العلياء

كيف تسمو بروحك إلى العلياء لكي تسمو بروحك للعلياء عليك أن تعلم أين تجد نفسك .... أجد نفسي في مواطن بسيطة وكثيرة ، لكنها شبيهة بي ، فيها شيء مني ومن روحي ..  أجدها عندما أسير تحت المطر وأستنشق رائحة التراب التي هي عندي أجمل من عطور الدنيا ، وهذا المطر يغسل روحي ويسمو بها ويسقي عروقي كما يسقي عروق الأرض ... أجدها عندما أتأمل بذوغ الفجر وعناق خيوط الشمس مع خيوط الظلام حتى تتلاشى وتذوب به... أجدها عندما أصغي بالليل للنجوم وهي تحاكي هموم البشر ..... أجدها عندما أستمع لعزف النسيم وهو يداعب أوراق الشجر ويمتزج بصوت تغريد الطيور في أعظم سيمفونية تعزفها الطبيعة بألحان ربانية ... أجدها عندما اتلمس الجمال اللامتناهي في جميع خلق الله وآياته الكونية ... مروري بمحاذاة شجرة مورقة مخضرة يغريني جداً ، يستهويني جمالها و وقوفها في شموخ واعتداد ، فأستمد منها كل القوة وأغدو أكثر صلابة واتزان .. جدد عزيمتك لتظل شامخاً ..    كذلك تستهويني لفتة شاب يافع وهو يأخذ بيد عجوز ثم يفسح له المكان ليجلس أو يحمل عنه أغراضه ، ويظل يرقبه مستلذاً طعم الفضيلة .. كم نحن بحاجتها .  أجدها في المكان الذي ألف...

هل نحن بخير؟

 السؤال الدائم والأساسي في حياتنا: كيف حالك ؟ هل أنت بخير ؟ هذا السؤال نسأله كثيراً لغيرنا و يسألنا كل من يرانا نفس السؤال ، وربما نسأله لأنفسنا مراراً وتكراراً هل نحن بخير ؟ و تكون الإجابة دائماً مختصرة ..الحمدلله أنا بخير ، ونمضي  ولكن البعض لا تعجبه الإجابة ، هو يريد تفصيلاً أعمق عن حالك ، ربما لم يقتنع أنك فعلاً بخير ، وعندها سوف يتفنن بتغيير نمط السؤال ليحصل منك على تفاصيل تشرح له حالك الحقيقي الذي إجابتك المختصرة لم تقنع من خلالها السائل .  ما السبب وراء الإصرار على معرفة كيف حالك ..ولماذا البعض لايقتنعون أنك بخير ويريدون معرفة المزيد ؟ السبب : أن البعض ممن نحبهم ويحبوننا يمنعه شيءٌ ما داخله أن يطمئن كل الاطمئنان لتلك الإجابة القصيرة المباشرة " نعم أنا بخير " ، شيءٌ ما خفيٌّ داخله يحدثه أن محدّثه ليس على ما يرام ، ربما المجيب يكون بخيرٍ جزئيّ يرضاه ، لكنه لا يُرضي طموح السائل ، فيلحُّ بالسؤال كثيرا ، ويُبدع في تغيير نمط إلقاء الأسئلة مستخدما كل الحيل المتاحة حتى يطمئن تماما إلى حال من يسأله . الأرواح و المشاعر لا تعرف القيود ، وبالرغم من تطور الانسان بكل المجالات و ...

أسرار طاقة الجذب : رسم حياتنا من طريقة تفكيرنا

أسرار طاقة الجذب : رسم حياتنا من طريقة تفكيرنا : كل انسان منا يرغب بالنجاح والتميز والسعادة والغنى والمال والمنصب ويحلم بأشياء كثيرة في حياته ، وبنفس الوقت يخاف من المجهول ومن مصائب الدهر ومماتخفيه له الأيام..  والسؤال هنا : هل يجب إطلاق العنان لأفكارنا ونجعلها تسيطر علينا ، أم حتى أفكارنا وإحساسنا يجب السيطرة عليها ووضعها ضمن دائرة محكمة لنتولى قيادتها . في الحقيقة أن هذا الموضوع مهم جداً وهو الأمر الذي يرسم لنا حياتنا بالكامل ، فنحن دائماً نتاج أفكارنا وأحلامنا .. وهذا بالظبط مايسمى بقانون الجذب الذي كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة ، ولأهمية هذا الموضوع أردت التبحر فيه وبتفاصيله من المنظور العام ومن المنظور الإسلامي . تعريف قانون الجذب: قانون الجذب هو واحد من أسرار الحياة التي يدركها عددٌ قليلٌ جداً من الناس، ويمكن القول أنّ قانون الجذب يُعبّر عن عمل الإنسان كمغناطيس يجذب كل ما يريد ويفكّر به نحوه؛ حيثُ يسترسل في أفكاره وعواطفه ليجذب ما يفكر به، والجدير بالذكر أنّه من السهل على الفرد أن يترك أفكاره وعواطفه دون رقابة؛ إلّا أنّ ذلك من شأنه أن يولّد الكثير من الأفكار الخاطئة والمشا...